بعد عقد من الإطاحة بالرئيس الليبي الراحل “معمر القذافي”، تتحدى روسيا الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك تركيا، في محاولة لوضع “سيف الإسلام القذافي” حاكماً للبلاد، بحسب ما أفاد. وكالة “بلومبيرج” للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة في موسكو.

وأكد مصدر مقرب من الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين يعتبر ليبيا “مسألة شخصية للغاية” بل إنه يشعر بالمسؤولية عن سيف الإسلام.

وبحسب ما نقلت الوكالة عن مصادرها، فإن روسيا تضغط على الجنرال المتقاعد “خليفة حفتر” لدعم “سيف الإسلام”، الأمر الذي سيشكل “مزيجًا انتخابيًا لا يُهزم”، لكن “حفتر” قد لا يقبل بذلك. لأنه كان يسعى لحكم البلاد منذ سنوات.

كما ذكرت بلومبرج أن روسيا واثقة من دعم مصر لخطتها، وكذلك إيطاليا التي حصلت موسكو على موافقتها الضمنية.

وأفادت المصادر أن فرنسا والإمارات عارضتا الخطة فيما استبعدت تركيا حدوث الأمر.

ونقلت الوكالة عن الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بموسكو “إيرينا زفاجليسكايا” دعوتها للقوى الأخرى للعمل مع موسكو، لأن “روسيا مهتمة باستقرار ليبيا”.

وأضافت أن “القذافي نجح في الحفاظ على تماسك البلاد وتجنب الفوضى والحرب الأهلية مثل صدام حسين في العراق”.

خطوة بوتين الأكثر جرأة

وبحسب الوكالة، فإن حيلة الكرملين، إذا نجحت، ستعزز نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، خاصة بعد تدخل بوتين الناجح لدعم نظام الأسد في سوريا، كما فعل مع الزعماء المستبدين في فنزويلا وبيلاروسيا.

وصرحت الوكالة “إعادة حكم القذافي ستكون الخطوة الأكثر جرأة بالنسبة لبوتين”.

امتنعت روسيا عن التصويت في الأمم المتحدة للإطاحة بالأب “القذافي” بعد 42 عامًا من توليها السلطة.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، يشتبه منذ فترة طويلة في أن “سيف الإسلام” له علاقات مع روسيا ومرتزقة “فاغنر”، ويُعتقد أنه مرشح موسكو المفضل لقيادة ليبيا.

وظهر “سيف الإسلام القذافي” بشكل مفاجئ في نهاية شهر تموز / يوليو الجاري للمرة الأولى منذ اختفائه قبل عدة سنوات، في خطوة من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي في البلاد وقد “تزيد من تعقيده”، بحسب للمراقبين.

ظل مصير “سيف الإسلام” مجهولا طيلة السنوات الأربع الماضية، إذ اختفى بعد إعلان المجموعة التي تحتجزه إطلاق سراحه في حزيران / يونيو 2017.

اعتقلت جماعة مسلحة في مدينة الزنتان (جنوب غرب طرابلس) “القذافي” في نوفمبر 2011، وحكم عليه بالإعدام في محاكمة موجزة.

لكن الجماعة المسلحة رفضت تسليمه إلى سلطات طرابلس أو المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال الثورة التي أطاحت بنظام والده في فبراير 2011.

وصرح “القذافي” الأصغر في مقابلة نادرة مع “نيويورك تايمز” إنه يريد “إحياء الوحدة المفقودة” في ليبيا بعد عقد من الفوضى، وألمح إلى إمكانية الترشح للرئاسة.

جاءت المقابلة النادرة قبل 5 أشهر على الأقل من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 24 من كانون الأول (ديسمبر)، مما يعزز الفرضيات حول نيته الدخول في الصراع السياسي.

وبحسب رويترز، اعتبر البعض سيف الإسلام خليفة إصلاحيًا محتملاً لوالده في السنوات التي سبقت الانتفاضة ولا يزال شخصية مهمة لمؤيدي القذافي.

حكمت محكمة في طرابلس على سيف الإسلام بالإعدام غيابيا في 2015 بتهم ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك قتل متظاهرين خلال الانتفاضة. وصرحت المحكمة الجنائية الدولية في ذلك الوقت إن المحاكمة لا تفي بالمعايير الدولية.

كما تطلب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اعتقاله بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.

انزلقت ليبيا في حالة من الفوضى بعد الإطاحة بالقذافي، حيث تنافست حكومتان متنافستان وتحالفات مسلحة على السلطة. تواجه حكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة صعوبة في بسط سلطتها في ظل رفض الفصائل في الشرق لها، أبرزها الفصيل الذي يتبع حفتر.

بعد عقد من الصراع على السلطة بشأن التدخل الأجنبي، استولت حكومة مؤقتة على ليبيا في مارس / آذار وكلفت بتوحيد المؤسسات من خلال تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مزدوجة في ديسمبر / كانون الأول.