تأتي أهمية مأرب في الأزمة اليمنية من اجل رسم الخطوط العريضة بالنسبة لأي تسوية سياسية، وخسارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لمأرب هدية قيمة للغاية بالنسبة للحوثيين.

بحسب وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية أن معركة مأرب باليمن أصبحت عنصراً رئيساً في فهم التوترات الأوسع نطاقاً التي تشعل الشرق الأوسط، والتحديات التي تواجهها جهود الرئيس جو بايدن لسحب القوات الأمريكية من المنطقة.

وفي تقرير لها امس الأربعاء: “يشتعل القتال في الجبال خارج مأرب، حيث يحاول المتمردون الحوثيون، المدعومون من إيران، والذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء، الاستيلاء على المدينة، المهمة للغاية بالنسبة لإمدادات الطاقة اليمنية”.

وأضافت أن “السعودية تقوم بشن غارات جوية مستمرة لإيقاف تقدم الحوثيين نحو مأرب، ويرد الحوثيون بهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ على المدن السعودية، ما أدى إلى إرباك أسواق النفط العالمية”.

ومن المتوقع أن تؤدي معركة مأرب إلى رسم الخطوط العريضة بالنسبة لأي تسوية سياسية في الحرب الأهلية اليمنية الثانية منذ التسعينيات، وإذا سيطر الحوثيون على مأرب فإنه يمكنهم استغلال ذلك كورقة ضغط في المفاوضات، وربما يتقدمون جنوباً”.

وبحسب الصحيفة إلى أنه “إذا نجحت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في الحفاظ على مأرب، فإن هذا سيؤدي إلى إنقاذ معقلهم الوحيد في الشمال، في ظل التحديات التي تواجهها داخلياً”.

وتضيف الوكالة أن “المعركة في مأرب تمثل عنصر ضغط على أقوى حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي، ويمكن أن تؤدي أيضاً إلى عرقلة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني، كما تُعقد محاولات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحد من الانتشار العسكري الأمريكي الواسع في الشرق الأوسط، من أجل مواجهة ما تراه بالتهديد المتصاعد من جانب روسيا والصين”.

ونقلت عن عبد الغني الأرياني، الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، قوله: “ضياع مأرب سيكون الرصاصة الأخيرة في رأس الحكومة المعترف بها دولياً، وسيفتح الباب أمام تفكيك الدولة اليمنية، وسيكون هناك جيل يعاني الاضطرابات والأزمة الإنسانية”.

وأشارت الوكالة الأمريكية إلى “الكارثة الإنسانية التي تعاني منها مأرب حالياً، وتتمثل في وجود أكثر من 800 ألف لاجئ، هربوا من سيطرة الحوثيين على صنعاء في عام 2014، والحرب التي أعقبتها، ما أدى إلى تضخم سكان المدينة، بحسب تقديرات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وتعتقد الوكالة أن “السيطرة على مأرب أو فصلها عن العالم الخارجي سيكون هدية قيمة للغاية بالنسبة للحوثيين، لكونها تضم حقول النفط والغاز التي تملك فيها شركات طاقة عالمية عملاقة مثل أكسون موبيل وتوتال الفرنسية مصالح واسعة”.

ونقلت الوكالة عن أحمد ناجي، خبير الشؤون اليمنية في “مركز كارنيغي للسلام الدولي”، قوله إن “الحوثيين يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق المزيد من المكاسب عبر الحرب أكثر مما سيحصلون عليه بالطرق السلمية، وإذا ذهبت مأرب فلن تكون للسعوديين على طاولة المفاوضات أي أوراق ضغط”.

ونقلت عن أنيسة تبريزي، خبيرة الشؤون الإيرانية في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة والدراسات الدفاعية والأمنية، قولها: “ساهم إحباط إيران من عدم قيام بايدن برفع العقوبات المفروضة عليها في تصعيد هجمات المليشيات في العراق واليمن، حيث تحاول إيران إيصال رسالة إلى واشنطن بأن الوضع القائم لن يكون دائماً”.