تبقى أسبوعان على مغادرة الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض، وسط حالة ترقب عالمية للتخلص من عهد ادارته المجنونة، وخشية أن يدفعه جنونه لارتكاب المغامرة الأخيرة قبل أيام من ترك منصبه.
وتزداد تلك المخاوف بعد ما سربته وسائل إعلام أمريكية حول سؤال ترامب مستشاريه في اجتماع عُقد في البيت الأبيض الشهر الماضي عن إمكانية قصف إيران، ورفض فريق الأمن القومي الفكرة.
فإن ترامب الذي لم يسلم بخسارته الانتخابات الأمريكية يريد ان يضع أكبر قدر ممكن من العراقيل أمام خليفته جو بايدن ، وفي محاولة منه لرفع شعبيته ومساعيه للعودة إلى البيت الأبيض، عبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
ويسعى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، لعلاقة أكثر انفتاحا تجاه إيران، من خلال العودة إلى الاتفاق النووي معها، وهنا النقطة الحاسمة حيث ان العودة للاتفاق النووي مثلت ازعاجا حقيقيا للرئيس ترامب وحلفائه، ويبدو أن حلفاء ترامب في المنطقة لعبوا أدوارا متفاوتة في دفع الأزمة إلى طريق مسدود بهدف تكريس العقبات في طريق عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي.
التقاء المصالح بين ترامب وحلفائه في المنطقة ضد إيران هو ما يزيد من المخاوف بإمكانية أن يقدم على خطوة خطيرة من هذا النوع، ولكن في مقابل المخاوف، سيطرت لغة التهديد على خطابه تجاه إيران طوال سنوات حكمه الأربع، ولكنها لم تصل مرحلة التنفيذ، بل وعلى العكس في كل مرة جرت فيها أحداث استثنائية كادت تؤدي لتوجيه ضربة كان يتم إلغاؤها في اللحظات الأخيرة وبتعليمات من ترامب نفسه.
بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في مايو 2018 ابتدأ ترامب بإطلاق حزم العقوبات الاقتصادية على إيران، واتباع سياسة تصفير تصدير البترول والتي كان الهدف منها تحقيق انهيار للنظام في ايران ومع تحمل النظام الخسارة الكبيرة دون العودة لطاولة المفاوضات وصل التوتر بين الطرفين إلى حافة الهاوية وكاد ان يصل إلى الحرب الشاملة.
كما ان أسقط إيران طائرة أمريكية في يونيو 2019 توقع العالم ردا عسكريا من إدارة ترامب عبر توجيه ضربة عسكرية لمواقع إيرانية، لكن هذه الضربة أوقفت بأمر من ترامب شخصيا في اللحظات الأخيرة.
حيث ان التوتر لم يتوقف بل تصاعد حتى وصل إلى مستويات غير مسبوقة بداية عام 2020 عند اغتيال الجنرال قاسم سليماني ونائب هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس والذي ردت عليه إيران بتوجيه ضربة صاروخية للقواعد الأمريكية.
كما اتُهمت إيران بالوقوف وراء مهاجمة الحوثيين للمنشآت النفطية في السعودية وناقلات البترول في الخليج، مما أدى إلى تصاعد التوترات عدة مرات والتهديد بتوجيه ضربات صاروخية لإيران، إلا إنها توقفت أيضا في اللحظة الأخيرة.
وجاءت الضربة الأخطر باغتيال كبير علماء الطاقة الذرية الإيرانية محسن فخري زاده في نوفمبر الماضي، والتي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها حتى الآن، إلا ان الجهات الرسمية الإيرانية اتهمت الموساد الإسرائيلي وبالتعاون مع أميركا بالوقوف وراء العملية.
تعكس الأحداث السابقة أن ترامب سنحت له عدة فرض لضرب إيران لكنه لم يفضل الحرب، لذا يرجح مراقبون أن الأمر لن يتعدى سوى التهديدات المتبادلة، وأن ترامب لن يتعدى الحدود الدعائية، لأنه يدرك أبعاد اللعبة، ويرى هذا الفريق أن ترامب لم يكن ليصدر التحذيرات لطهران، إن كان ينوي القيام بضربة لها، وأن كل هدفه هو اقناعها بعدم القيام بعمليات انتقامية ضد الولايات المتحدة.