يواجه الإعلام التونسي من أزمات كبيرة من الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
ويتأرجح الإعلام التونسي بين الدور الترويجي الذي كان يؤديه في فترة حكم بن علي، وحرية التعبير التي أضحت واقعا.
التحديات الكبيرة التي يواجهها الإعلام التونسي أدت إلى أزمة كثيرة ومتعددة الأوجه.
تقصى الباحث والخبير الإستراتيجي ماهر عبد الرحمن في كتابه “أزمة السمعي والبصري العمومي في تونس” تلك الأزمات.
وهذا الكتاب وهو كتاب فريد في تشريح الأزمة وبسطها في شموليتها بمنهج علمي واضح وبسيط ودقيق عبر الوثائق والأمثلة والدراسات المقارنة.
ويعدّ ماهر عبد الرحمن واحدا من أعمدة الإعلام في تونس.
ويأتي الكتاب في 378 صفحة من القطع الكبير، مقسم إلى ثلاثة أجزاء وهي الإعلام السمعي والبصري العمومي في العالم وموقع الإعلام التونسي بالمقارنة، وأسباب أزمة الحوكمة في الإعلام السمعي والبصري العمومي التونسي، ومشروع إستراتيجي لإصلاح مؤسستي الإذاعة والتلفزة الوطنيتين بمقاربة الحوكمة الرشيدة.
ويسعى المؤلف في كتابه إلى وصف الأزمة وتشخيصها، ويبقى السؤال: لماذا اختار الباحث ألا يرفق العنوان بعبارة إصلاح واكتفى بكلمة أزمة؟ مع أن قسما مهما من الكتاب تضمّن إستراتيجيات الإصلاح ومقترحات عملية لذلك!
وكان هدف الباحث لفت الانتباه إلى خطورة الوضع القائم، وإلى أن الوعي بالخطر أول الطرق إلى الإصلاح، لذلك غيّب كلمة إصلاح نهائياً من العنوان، كما يمكن تأويل الأمر بأن الحديث العميق عن الأزمة متضمن في حد ذاته مقترحا للإصلاح، لكننا لا نملك أن نغفل عن نبرة اليأس في شكل من أشكال التفجع التي أكدها الأستاذ رضا النجار في كلمته على غلاف الكتاب عندما قال إن الإعلام العمومي “توفي”.
وتناول الكتاب العديد من الموضوعات القيمة إلى جانب المسائل التقنية والبيروقراطية مسألة حريات التعبير التي يرى المؤلف أنها الشيء الوحيد الذي يجمع عليه المتابعين للشأن التونسي والتونسيين أنفسهم، الذي تحقق من أهداف الثورة، وعليه تأسس الدستور التونسي الجديد عام 2014.