تشكل الأعمال الفنية لغة التواصل المثلى بين الفنان والجمهور بعد رحيله عن الحياة، حيث يمثل كل عمل خطوة للفنان نحو الخلود في أذهان وقلوب محبيه، فالفن هو السلاح الأفضل الذي يستطيع حمايته من النسيان.

وتابع محبو الفن في العالم العربي فصلًا جديدًا من مشكلات الحقوق الفكرية حول الإرث الفني للمطربين الراحلين، حيث أصدر المنتج الفني محسن جابر بيانًا، الأحد، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يهاجم خلاله نجل شقيق الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، محمد شبانة، موضحًا أن أغاني العندليب الأسمر “ملكٌ خالص لشركته الفنية”.

ليست المشكلة الأولى

وأشار البيان إلى أن ما يذكره محمد شبانة على وسائل الاعلام والمواقع الإلكترونية عن امتلاكه أغاني عمه الفنان عبد الحليم حافظ ليس صحيحًا.

وجاء هذا البيان بالتزامن مع اقتراب الحفل “الهولوغرامي” للمطرب الراحل عبد الحليم حافظ، بقصر البارون، في الثاني من أبريل المقبل.

وهذه المشكلة ليست الأولى من نوعها خلال الفترة الأخيرة، حيث كان للمنتج الفني ذاته بيانٌ آخر، يؤكد أن إحدى شركاته الفنية الخاصة هي المالك الوحيد لحقوق أغاني أم كلثوم، وليست شركة قومية كما هو متداول إعلاميًا.

وفي خضم هذه الأزمات، تثار أسئلة عدة بشأن مصير الأعمال الفنية للمطربين الراحلين بعد وفاتهم؟

مصير الإرث الفني

يقول محمد حجازي، استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية، والرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات، إن حقوق الملكية الفكرية بالنسبة للأغاني، أو ما يُسمى في القانون “المصنفات الموسيقية الغنائية” لها مؤلفان، الأول هو مؤلف الكلمات أو ما يسمى مؤلف الشطر الأدبي وهو الذي وضع الكلمات التي تؤدى في الأغنية، ومؤلف الألحان أو ما يسمى الشطر الموسيقي.

ويوضح أن المؤدي أو مطرب الأغنية لا يعد مؤلفا وفقا للقانون، وإنما يعد من أصحاب الحقوق المجاورة لحق المؤلف ويحق له الحصول علي مقابل مالي نتيجة أدائه للأغنية أو المصنف الموسيقي.

ويضيف حجازي لموقع “سكاي نيوز عربية”، “منتج الأغنية أو “المصنف الموسيقي” هو صاحب حقوق النشر والتوزيع للعمل الفني وهو من يحدد طريقة استغلال المصنف بالشكل والطريقة التي يراها مناسبة، كما أن العقود المبرمة بين كل من مؤلف الكلمات ومؤلف الألحان ومطرب الأغنية مع المنتج هي التي تحدد حدود الحقوق المالية لكل منهم”.

ملكية عامة

كما يوضح أن “حقوق الملكية الفكرية للفنان المتوفى تنتقل إلى ورثته، ويحق لهم الحصول على المقابل المالي لاستغلال أعمال مورثهم لمدة 50 عامًا من تاريخ وفاته، لأنه بعد تلك الفترة الزمنية، تصبح المصنفات الفنية الخاصة بالفنان الراحل ملكًا عامًا يحق لأي شخص استخدامها”.

في السياق ذاته، يؤكد استشاري تشريعات الملكية الفكرية أن المقابل المادي الذي يحصل عليه ورثة الفنان المتوفي، يكون بموجب الشروط الواردة بعقود الاستغلال التي أبرمها مورثهم قبل وفاته مع الجهة المنتجة للعمل الفني المستخدم.

وبسؤاله عن صاحب القرار فيما يخص الأعمال الفنية للراحلين، في حال وجود أكثر من مالك لحقوق الملكية الفكرية، يوضح حجازي “إن قرار استغلال المصنفات يعود لمنتج العمل الفني وفقا لما أبرمه من عقود مع المطرب الراحل، وبالنسبة للورثة فهم يتعاملون مع المنتج في إطار العقد المبرم مع مورثهم وفي ضوء أنصبة كل منهم وفقا لإعلام الوراثة”.

وبعث حجازي برسالة طمأنة للجمهور المتخوف من احتكار الأعمال الفنية الخاصة بالمطربين الراحلين ومنع نشرها، حيث يقول في ختام حديثه مع “سكاي نيوز عربية”، “إن الأعمال الفنية الخاصة بالراحلين قد سبق طرحها في الأسواق وبالتالي فإن الورثة لا يمتلكون حق المنع أو عدم الإذاعة والنشر، نظرا لامتلاك المنتجين تلك الحقوق، وبالتالي فإن من مصلحتهم نشرها للجمهور حيث يحصلون منها على عوائد مالية”.